أصدرت وزارة التربية والتعليم بصنعاء، بتاريخ 30 أبريل 2025، مذكرة تحتوي على مجموعة من التوجيهات التي تُعد خطيرة للغاية لما لها من تأثير مباشر على العملية التعليمية ومحتوى المناهج الدراسية، خصوصًا في المراحل الأساسية المبكرة حتى الصف الثالث الأساسي. هذه التوجيهات تثير قلقًا واسعًا لما تحمله من تداعيات خطيرة تهدد بنية التعليم ومضمونه العلمي في مناطق سيطرتهم.
أولاً: تقويض التعليم الحديث والشامل
من أبرز ملامح هذه التوجيهات استبعاد مواد أساسية كالعِلم، والرياضيات، واللغة الإنجليزية، ما يؤدي إلى حرمان الأطفال من المهارات الأساسية في التفكير النقدي والمنطقي، ويمنعهم من مواكبة التطور العلمي والتقني في العالم، ما يُعد نكسة كبيرة في مسار التعليم الحديث.
ثانيًا: عزل اليمن عن العالم
إلغاء تدريس اللغة الإنجليزية، باعتبارها اللغة العالمية للعلم والتواصل، يعمّق من عزلة الطلاب اليمنيين عن المجتمع الدولي، ويقلّص من فرصهم المستقبلية في التعليم الجامعي والتنافس في سوق العمل، داخل اليمن وخارجه.
ثالثًا: تسييس التعليم وتطييفه
التركيز الحصري على مواد اللغة العربية والقرآن الكريم، مع إقصاء بقية العلوم، يعكس توجهًا أيديولوجيًا يسعى إلى توظيف التعليم كأداة لغسل أدمغة الأطفال، وتحويل المناهج الدراسية إلى وسيلة تعبئة مذهبية تخدم أجندات سياسية وطائفية ضيقة.
رابعًا: مخالفة المعايير الدولية للتعليم
هذه التوجيهات تتعارض بشكل صارخ مع مبادئ التعليم الشامل والمتوازن التي أقرتها منظمة اليونسكو، وتُعد انتهاكًا لحقوق الطفل في الحصول على تعليم متنوع ومتكامل يضمن تنمية قدراته ومهاراته الفكرية والاجتماعية.
خامسًا: تدمير البنية المعرفية للأجيال القادمة
حرمان الطلاب من العلوم والمعارف الأساسية يؤدي إلى خلق أجيال عاجزة عن الإبداع، غير قادرة على التنافس أو الانفتاح على العالم، وهو ما يمثل تهديدًا طويل الأمد لمستقبل اليمن العلمي والثقافي والاقتصادي.
القرار الصادر في هذه المذكرة يُعد تهديدًا وجوديًا للتعليم في اليمن. فبدلاً من تطوير المناهج لتواكب متطلبات العصر، تسعى هذه التوجيهات إلى فرض أيديولوجيا محددة، تُفرغ التعليم من محتواه العلمي والإنساني، لصالح التعبئة الفكرية والدينية. إن ما يحدث ليس فقط انتهاكًا صارخًا لحقوق الأطفال، بل هو أيضًا تقويض لمستقبل اليمن كدولة قادرة على النهوض والتقدم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق