الأربعاء، 29 أكتوبر 2025

الأستاذ علي غالب.. ذاكرة التعليم وضمير الحديدة التربوي


في سجلّ التعليم في محافظة الحديدة، ثمة أسماء تُكتب لا بالحبر بل بالأثر، ومن بين هذه الأسماء يبرز الأستاذ علي غالب بوصفه أحد أعمدة النهضة التربوية وروّاد التعليم الذين شكّلوا وجدان الأجيال ورسّخوا قيم المعرفة والانتماء والعمل.
منذ بداياته الأولى في ميدان التربية، كان علي غالب يؤمن أن التعليم ليس مهنة بل رسالة، وأن المدرسة ليست جدراناً بل منارة. لذلك مضى في طريقه حاملاً حلم التغيير، مؤمناً بأن بناء الإنسان هو أعظم مشروع يمكن أن يُنجزه معلمٌ على هذه الأرض.
تجلّى عطاؤه التربوي في قيادته الحكيمة لمدرسة الشهيد محمد محمود الزبيري، تلك المدرسة التي أصبحت في عهده ورشةً للعلم والإبداع، ومصنعاً حقيقياً للطاقات المتميزة. فخلال سنوات إدارته، تخرّجت من بين جدرانها أجيالٌ من المتفوقين الذين أصبحوا اليوم يحتلون مواقع مرموقة في مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع، في الإدارة والتعليم والإعلام والثقافة. لم تكن المدرسة مجرد مبنى تعليمي، بل بيئةً تربوية تزهر فيها روح التنافس الشريف والانتماء الوطني.
تميز الأستاذ علي غالب بقدرته على الجمع بين الانضباط التربوي والروح الإنسانية، فكان معلماً صارماً حين يقتضي الموقف، وأباً حنوناً حين يحتاج الطلاب إلى الدعم. زرع في نفوس تلاميذه قيمة الكلمة، واحترام العلم، والإيمان بأن التفوق ليس هبةً بل ثمرة جهدٍ وإصرار.
وإلى جانب عطائه التربوي، عُرف الأستاذ علي غالب كاتباً وباحثاً متميزاً، أغنى المكتبة التربوية بعددٍ من المؤلفات البحثية والتوثيقية التي تناولت قضايا التعليم والتاريخ المحلي، مساهماً في حفظ ذاكرة الحديدة التربوية والثقافية، ومؤكداً أن المعلم الحق لا يتوقف عطاؤه عند حدود المدرسة، بل يمتد قلمه إلى خدمة المجتمع والفكر.
لقد جسّد الأستاذ علي غالب نموذج المعلم القدوة، والمثقف الملتزم، والإنسان الذي حمل مسؤولية المعرفة بوعيٍ ومسؤولية. فاسمه اليوم يُذكر باحترامٍ في أوساط زملائه وتلاميذه على حدٍّ سواء، لأنه ترك في كلّ منهم بصمة لا تُمحى، ودرساً لا يُنسى، وقيماً لا تتقادم.
تحية تقدير ووفاء لرجلٍ آمن بأن التعليم هو الطريق الأجمل نحو بناء الأوطان، وأن من يزرع الكلمة الطيبة، يحصد جيلاً يغيّر وجه المستقبل.
رحلة الأستاذ علي غالب ليست مجرد سيرة مهنية، بل فصلٌ مضيء من تاريخ التعليم في الحديدة، سيظل شاهداً على أن التميز الحقيقي يبدأ من المعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق